فنتشكيليfantashkili: "فايز عبدالمولى" في لوحاته وتطلّعاته .. عمارة الأحلام وحركات اللون ..بقلم: أ.أديب مخزوم.
تطرح لوحات الفنان فايزعبدالمولى، جمالية التفاعل مع إيقاعات العمارة القديمة، المعرضة لمخاطر الاندثار، إضافة إلى بروز مشاهد الطبيعة والمرأة والاشكال النباتية وغيرها، وهذه العناصر والرؤى تشكل المدخل لتلمس أسلوبه الخاص، ضمن صياغة فنية عفوية خيالية، لاتتقيد بالتفاصيل،
ولا بصورية الشكل ولا بمشهديته التقليدية الخارجية ( فالأشجارعلى سبيل المثال تتحول إلى مايشبه المساحات الدائرية والبيضاوية المتجاورة والمتداخلة، والعناصر الانسانية تلتصق أحياناً بالجدران القديمة، وتتحول في بعض الأماكن، إلى مايشبه الظلال.. ) وتبرز في أحيان كثيرة اللمسات اللونية العريضة والعمودية، التي تتداخل معها الأشكال والعناصر وانعكاساتها في مياه العاصي، الذي كان ولا يزال يعطي للفسحات النباتية المحيطة به خضرة دائمة.
ثقافة المكان
وهذه الطروحات التشكيلية تبرز قدرة العمل التعبيري، في أحيان كثيرة، على ملامسة ضفاف الصياغة الرمزية، ما يؤدي الى تحويل المساحات اللونية، إلى فسحات للحوار الذاتي وللتأملات الجمالية الحديثة، القادرة على اثارة التساؤلات، والوصول إلى علاقة حقيقية مع العناصر المعمارية والتراثية، وتقديم ثمرة وخلاصة البحث التشكيلي والتقني، بعد عمر من التعامل مع المادة اللونية، ولاسيما الرسم بالزيت على القماش.
هكذا يصل في لوحاته إلى صياغة فنية تعبيرية، مبسطة ومختزلة، تطل من خلالها اشارات العمارة القديمة والأشجار والعناصر النباتية والجرار وأحواض الورود وغيرها، وهو يستعرض تلك العلاقة الحميمية، بين حضور إشارات الأشكال وغيابها، ضمن هاجس إبراز التضاد احيانا بين الظلمة والنور، بينما تظهر لمساته اللونية العفوية، وكأنها مشروع للتعبير عن موسيقا اللون في ديمومته الإيقاعية والغنائية. وبالتالي فهو يؤكد علاقته الوثيقة بثقافة وروح المكان، الذي ينتمي اليه، ويظهر في لوحاته بشكل عفوي ودائم (عجائن لونية متداخلة ومتحركة وموضوعة فوق بعضها البعض ) ومشحونة بمشاعره الذاتية الصادقة، وحين يكون الصدق، يكون التميز والتفرد والاستقلالية.
هكذا يظهر حالات التحكم في مساحة اللوحة، وفي حركات صياغة مفرداتها وعناصرها وتكويناتها التشكيلية الحديثة. ورغم تكثيف عناصر اللوحة، يستطيع المشاهد أن يرى في مقاطع أو لوحات اخرى، مساحات مختصرة، بأقل إشاراتها لدرجة محو كل العناصر غير المفيدة، وهذا ما يمنح عمله صفة المختصر المفيد.
ويمكننا الانتباه إلى إيحاءات كثيرة، بقدرته على معالجة عجائن اللون، وابراز حساسياتها المختلفة والمتنوعة، وتظهر هذه القدرة في ابراز ملامس فرشاة الرسم، وبطريقة تتوافق مع تطلعات اللوحة الفنية الحديثة والمعاصرة.
ولوحاته تقع في المساحة التعبيرية المتدرجة بين حالات الرسم الاكاديمي، الذي يرتكز على تجسيد مشاهد النواعير والمدينة القديمة، وظلالها المنعكسة في مياه العاصي، وبين احتمالات منح الاشكال المرسومة حرية تعبيرية، في خطوات البحث التشكيلي والتقني، على صعيدي تحريك اللون وصياغة العناصر. وهكذا تتفاوت لوحاته، من ناحية المعالجة التقنية بين الكثافة والرقة.
أجواءالجّدار
وتظهر الى جانب قدرته على التأليف وتوزيع الكتل اللونية الغنائية ووضعها بطريقة فنية حديثة وإبراز سماكتها، وملامس سطوحها القريبة أحياناً من أجواء الجدار الطيني أو الكلسي القديم، قدرة أخرى في معالجة الخطوط اللونية، التي تكتسب أهميتها من خلال تقنية وضعها على سطح اللوحة، بعفوية مطلقة، بحيث يتحول الخط الى لون، يفصل بين المساحة والأخرى، بطريقة تتوافق مع طريقته في تركيب الطبقات اللونية في فراغ السطح التشكيلي.
وهكذا نجد تحولاً من طريقة التركيز لإظهار المناخات اللونية المحددة والمتقاربة في بعض اللوحات، الى طريقة اضفاء لمسات لونية صريحة، وخاصة الأخضر في لوحات اخرى، وهنا يصبح سطح اللوحة مجالاً للتشكيل المتبدل الدرجات والحساسيات، بحيث تخضع معطيات العمل البصرية، لحركة اللون في تبدلات ايقاعاته ودرجاته.
هكذا يجدد ألوانه ويغير في مناخاتها وحركاتها بين لوحة وأخرى، من دون أن يخرج عن السياق الأسلوبي العام، الذي يطل من خلاله على عالمه الداخلي، الذي يتجسد على سطح اللوحة، لإيجاد القوة الإيحائية لعناصر الجو اللوني المحلي عبر اللمسات والحركات اللونية التلقائية والعفوية ومظاهر الغنائية البصرية، وحركاتها الإيقاعية، التي تبرز كألحان بصرية أو كمقطوعات موسيقية لونية، حيث يظهر واثقاً في صياغة لمساته اللونية الشاقولية، المتابعة لمساره التعبيري، في تجسيد إيقاعات اللون واندفاعاته العفوية، لإيجاد القوة الإيحائية لعناصر الجو اللوني المحلي، ومظاهر الغنائية البصرية وحركاتها الإيقاعية، التي تبرز كألحان بصرية أو كمقطوعات موسيقية لونية.
ويصل فايز عبد المولى إلى درجة من الحساسية الخطية واللونية، التي تذهب إلى الجوهر، وتحمل هاجس التجديد، والبحث عن جماليات جديدة ومبتكرة ومغايرة، بإتباع أسلوبه الخاص، والعمل على إبراز جماليات تشكيلية حديثة، تحافظ على قدرتها التعبيرية عبر ضربات وحركات ولمسات لونية عفوية وقوية في آن واحد.
فنتشكيليfantashkili
نُشِر هذا المقال في جريدة
الثورة
بقلم: النّاقد أ.أديب مخزوم.
فنتشكيليfantashkili
نُشِر هذا المقال في جريدة
الثورة
بقلم: النّاقد أ.أديب مخزوم.
تعليقات
إرسال تعليق